• لبنان
  • الجمعة, تشرين الثاني 07, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 4:03:18 ص
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

مجزرة بلا مقاومة: البعنة ودير الأسد 1948

بوابة صيدا 

في صباح الأحد 31 تشرين الأول 1948م (28 ذي الحجة 1367هـ) كانت قريتا البعنة ودير الأسد في الجليل الأعلى تستعدان ليومٍ عادي، لا يعلم أهلهما أنه سيكون الأخير في ذاكرة الطمأنينة. دخلت وحدة من جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى القريتين، لا لتواجه مقاومة، بل لتنفّذ مجزرة صامتة، بدأت بجمع السكان في حقلٍ بين القريتين، وانتهت بإطلاق النار على العزّل، بينهم أطفال وشيوخ، دون سابق إنذار أو ذريعة.

في لحظة عطش، طلب أربعة شبان الإذن لجلب الماء من بئر قريبة. ذهبوا ولم يعودوا. قُتلوا عند حافة البئر، وكأن الماء كان فخًا، والصمت كان شريكًا في الجريمة. وبينما كانت الشمس تميل نحو الغروب، كانت الرصاصات تُنهي حياة من وقفوا في الحقل، بلا سلاح، بلا مقاومة، وبلا صوت.

مجزرة البعنة ودير الأسد لم تُوثّق كما يجب، ولم تُذكر في كثير من السرديات الرسمية عن حرب 1948م، لكنها بقيت محفورة في ذاكرة من عاشها، تُروى في المجالس، وتُحفظ في القلوب، كجريمة أُريد لها أن تُنسى، لكنها تأبى إلا أن تُذكّر.

في هذا المقال، نُعيد فتح ملف المجزرة المنسية، ونُسلّط الضوء على تفاصيلها، لنفهم كيف يُمكن للهدوء أن يُغتال، وللحقول أن تتحوّل إلى مقابر، وللصمت أن يكون شاهدًا على الإعدام.

دخلت العصابات الإسرائيلية في 31 تشرين 1948م / (28 ذي الحجة 1367هـ) إلى قريتي البعنة ودير الأسد من الجهة الشرقية، و قامت بتجميع سكان القريتين عبر مكبرات الصوت في السهل الفاصل بين القريتين بجانب المسجد القديم بحراسة من جنود الاحتلال، وتم قتل مجموعة من الشبان بطريقة وصفها أحد مراقبي الأمم المتحدة بأنها "قتل وحشي، جرى دون استفزاز أو اشارة غضب من الناس".

استمر الحصار حتى ساعات العصر، حيث أصيب الشيوخ وكبار السن بالإنهاك الشديد، وكانوا بأمس الحاجة لشرب الماء، إذ طلب بعض الشبان من العصابات السماح لهم بإحضار الماء من بئر قريبة منهم.

وعندما سمح لهم بذلك، ذهب 4 شبان إثنين منهما من قرية دير الأسد وآخرين من قرية البعنة إلى البئر القريبة وهم صبحي محمد ذباح، أحمد عبد الله علي العيسى، علي محمد العبد وحنا إلياس فرهود.

وهناك عند البئر أعدموهم رميًا بالرصاص بينما كانوا يهمون بإخراج الماء من البئر، بعدها اقتادوا مجموعة من الشباب مشيا على الأقدام إلى قرية الرامة ومن هناك نقلوهم بالحافلات حتى معتقل صرفند، حسب ما ذكر بعض الأهالي في ذلك الحين.

يُذكر أنه عند اقتيادهم للشبان أمروا السكان بمغادرة القريتين، فمنهم من نزح إلى لبنان ومنهم من نزح إلى القرى المجاورة ثم عادوا لاحقًا إلى قريتهم، بينما أولئك الذين نزحوا إلى لبنان فقد أقفلت الحدود وتعذر عليهم العودة ثانية.

في مقال “سياسة المذابح الإسرائيلية لإجلاء أهل الجليل عام 1948 كما وردت في تقارير ضباط الأمم المتحدة”، يذكر أن ضمن وثيقة “UNA 13/3.3.1 Atrocities” (في أرشيف الأمم المتحدة تحت ملف “الفظائع”) ورد وصف ما حدث في البعنة، حيث يُذكر أن يوم 31/10/1948 اُنتُخب بعض الشبان لجلب الماء فقتلوهم بالرشاشات، وكذلك أنه في 30/10 جرى اختيار عشوائي لسبعة رجال وتجريمهم وإعدامهم.

في نفس المقال تُذكر شهادات من سكان البعنة، مثل شهادة مطلق بدراني وحسن محي الدين أشقر، كجزء من روايات الشهود التي قُدّمت إلى ضباط الأمم المتحدة.  

في مقالة “المجازر والنكبة” ضمن منشورات منظمة “باديل” يُذكر أن بعض التحقيقات التابعة للأمم المتحدة تشير إلى وقوع مجزرة، لكن “المراقبون غير قادرين على تحديد عدد الأشخاص المتورطين”.

قيود في الأرشيف والتوثيق

في تحليل أكاديمي حديث يذكر أن الكثير من الوثائق التي تتناول الفظائع عام 1948م ما زالت "مصنّفة أو محجوزة" في أرشيف الأمم المتحدة، وأن الباحثين يشكّون أن هناك تحفظاً على الإفراج عن بعض الملفات التي قد تُحرج الأطراف المعنية إذا نُشرت كما ورد في موقع (link.springer.com)

كما أن التوثيق الفلسطيني يعتمد إلى حد كبير على الشهادات الشفوية (السرد الشفهي لضحايا وأسر) لأن كثيرًا من الملفات المكتوبة قد ضاعت أو لم تُنشر أو بقيت مقفلة في الأرشيف.

 

ــــــــــــ

إقرأ أيضاً

منظمة الإرجون الصهيونية تفجر فندق الملك داود في مدينة القدس.. وسقوط عشرات القتلى

مذبحة اللد.. ابشع مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة..

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة