• لبنان
  • الاثنين, حزيران 16, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 2:22:21 م
inner-page-banner
مقالات

إيران تكسر وهم الحصانة الصهيونية.... الوعد الصادق3...

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

"ريشون لتسيون" المدينة التي تقع جنوب "تل أبيب"، أصيبت مساء أمس الجمعة ١٣/يونيو/٢٠٢٥ في مقتل، نتيجة الضربة الإيرانية التي جاءت كرد مباشر على الهجوم الصهيوني الغادر الذي استهدف منشآت حساسة داخل الأراضي الإيرانية صباح الجمعة.

"ريشون لتسيون" أول مستوطنة صهيونية تأسست عام ١٨٨٢. وتعني التسمية "قلت أنا أولا لصهيون"، وهي مأخوذة من ما يسمى ب "سفر أشعياء". لذلك فهي تمثل رمزا مركزيا في المشروع الاستيطاني اليهودي.

 وقد شُيدت بواسطة مجموعة "أحباء صهيون" بدعم من البارون "إدموند روتشيلد"، لتكون نموذجا للنهضة الزراعية الصهيونية. وقد تمددت هذه المستوطنة جغرافيا واقتصايا مع الوقت، لتصبح اليوم رابع أكبر مدينة في دولة الاحتلال من حيث عدد السكان، كما أنها تعد مركزا صناعيا وتكنولوجيا يلتقي فيه الطابع المديني مع العمق الأيديولوجي الصهيوني.

 ولأنها تحمل في طياتها ذلك الرمز الذي يحمل بين طياته دلالات سياسية وأمنية يفتخر به المشروع الصهيوني ولا ينفصل عن طبيعة الصراع، فقد حمل استهدافها من قبل إيران رسالة ذات أبعاد استراتيجية مفادها أن عمق دولتكم المزعومة والتي تزعمون بأنها محصنة، لم تعد بمنأى عن صواريخنا ونصلها متى أردنا.

ومن هنا فإن الهجوم الذي نفذته إيران مساء أمس والذي كما ذكرت، جاء ردا على الأحداث التصعيدية أهمها الهجوم الأخير الذي طال مواقع عسكرية وعلمية في اختراق فاضح لسيادتها كدولة ذات نفوذ إقليمي، نُفذ باستخدام صواريخ دقيقة وطائرات مسيرة متطورة مثل مسيرة آرش التي يصل مداها إلى ألفي كيلومتر تقريبا، استطاعت تخطي منظومات الدفاع من "القبة الحديدية" إلى "مقلاع داوود" ف "ثاد الأمريكية" وغيرها من المنظومات، برغم الدعم الأمريكي والبريطاني وقلبت أسطورة "الملاذ الآمن" داخل المدن الكبرى في دولة الاحتلال وأنها مجرد وهم. وقد صرح الحرس الثوري الإيراني*استخدمنا منظومات وصواريخ ذكية ذات دقة عالية في عملية الوعد الصادق ٣*.

و "نتنياهو" الذي بات يراهن على الحرب كمهرب من أزماته السياسية والشخصية، وجد في استهدافه لإيران فرصة لتوحيد الجبهة الداخلية وتحويل الأنظار عن الانقسامات الداخلية الشعبية داخل دولته، وخاصة بعد التظاهرات المتواصلة ضد تعديلات القضاء واتهامات العبث بالديمقراطية.

إن رعونة "نتنياهو" في اتخاذ قرار بهذا الحجم جاءت نتيجة شعور متضخم بالعزلة السياسية ورغبة عميقة في فرض نفسه كلاعب إقليمي مهيمن، حتى لو كان الثمن إدخال دولته في مواجهة مباشرة مع قوة كبرى مثل إيران.

كما أن الأهم من كل ذلك، قد يكون البعد النووي الذي دفعه لهذه الضربة في هذا التوقيت وبأن إيران باتت تملك مخزونا من اليورانيوم المخصب بنسبة تقترب تقنيا من حد التصنيع العسكري للقنبلة النووية. بل إن بعض التقديرات تشير إلى أن طهران قد تكون على بعد أسابيع فقط من امتلاك القدرة الكاملة لصنع رأس نووي واحد على الأقل. وقد صرح الصحفي والكاتب اليهودي "نداف ايال" بهذا الشأن في منشور  نشره على حسابه على منصة إكس قائلا "إن أحد الأهداف المهمة لعملية "كأشبال الأسد" هو إحباط البرنامج النووي الإيراني".

وأمام هذا السيناريو، رأى نتنياهو أن تأخير الضربة قد يعني التسليم بإيران نووية، وهو ما يعتبره تهديدا وجوديا لدولة الاحتلال، ولا يمكن السكوت عنه ضمن العقيدة "الأمنية الصهيونية". ومن هنا، جاء الهجوم كخطوة استباقية تهدف إلى كبح هذا التقدم.

وعودا إلى "ريشون لتسيون" فإن ضربها قد شكل لحظة فارقة في تاريخ الصراع. فقد تهشمت أسطورة "التفوق المطلق"، وبدأ الداخل اليهودي يتذوق مرارة الهشاشة التي لطالما عاشها المدنيون في غزة ولبنان وسوريا واليمن. وأن الصراع لم يعد محصورا في الحدود فقط بل انتقل إلى المدن والمنازل والمراكز الحيوية.

ونستطيع القول أن نتنياهو اختار الوقت الأخطر، وفتح الباب الأصعب، فتحولت "ريشون لتسيون" من رمز للتمدن الصهيوني إلى شاهد على فشل ادعائهم بفكرة "الأمن المطلق والحصانة"، وعلى أن بداية مرحلة جديدة قد بدأت، تكشفها الأيام القادمة...

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة