مقالات

د. إبراهيم حمّامي

بقراءة سريعة لتفاصيل اشتباك اليوم جنوب شرق خان يونس، سواء من المصادر العبرية وتصريحات الاحتلال، أو بيان القسام الرسمي، يمكن تلخيص الدلالات والرسائل منه كالتالي:

· التوقيت: جاء الاشتباك بعد تصريحات نتنياهو وترامب المتبجحة بأن قبول الجانب الفلسطيني لمقترح وقف إطلاق النار كان بسبب حالة الضغط وبالتالي الضعف الذي يعاني منه قطاع غزة، كما جاء بعد قرابة العامين من العدوان المتواصل والجرائم التي لا تتوقف

· المكان: خان يونس وهي منطقة تحت سيطرة الاحتلال ومنذ مدة طويلة، وقد أعلن على الأقل 6 مرات عن تمشيطها والقضاء على كل المسلحين فيها

· الحجم: هو الاشتباك الأكبر على الاطلاق، شارك فيه بحسب إذاعة جيش الاحتلال 18 مسلح (بيان القسام وصفهم بقوة قسامية قوامها فصيل مشاة)، واستطاعوا الدخول لموقع عسكري تابع الكتيبة 90 من لواء كفير

· الكيفية: خروج من عدة فتحات لأنفاق في وقت متزامن، مما يدل أنه بعد 22 شهراً من العمليات العسكرية الاسرائيلية ما زالت منظومة الأنفاق تعمل وبفعالية، كذلك خروج المسلحين من أكثر من مكان في وقت متزامن يدل أن منظومة الاتصال والتواصل بين العقد القتالية ما زالت تعمل.

· الهدف: وأيضاً بحسب المصادر العبرية أسر جنود من قوات الاحتلال، مما يدل أن ملف الأسرى لم يغلق بعد ومفتوح على كل الاحتمالات

· تكتيك جديد: البيان الرسمي تحدث عن قيام " أحد الاستشهاديين بتفجير نفسه في الجنود"، وهذه هي المرة الأولى التي يُعلن فيها بشكل رسمي عن عملية استشهادية

· رسالة للاسرائيلي: القوة القتالية ما زالت بعافيتها وقادرة ليس فقط على الدفاع بل الهجوم أيضا، دخول غزة لن يكون نزهة، تماماً كما وصفته قيادات الاحتلال: "فخ ورمال متحركة ستبتلع الجنود"

· رسالة للوسطاء: قبول مقترح وقف إطلاق النار ليس من باب الضعف لكن من باب الحرص على رفع المعاناة عن الغزيين، وأي ضغط يجب أن يوجه للإسرائيلي

· رسالة للعالم أجمع: الاستسلام غير وارد

اشتباك خان يونس يعيد التأكيد أن معادلة القوة لا تزال مفتوحة، وأن كل إعلان إسرائيلي عن الحسم أو السيطرة يبقى هشًّا أمام الواقع الميداني. فاشتباك اليوم يثبت أن غزة عصيّة على الكسر، ويضع الجميع في المحصلة أمام حقيقة راسخة: لا وقف إطلاق نار ولا حلول سياسية قابلة للحياة ما لم يواجه الاحتلال استحقاقاته كاملة.