• لبنان
  • الأحد, أيلول 21, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:58:38 م
inner-page-banner
من صفحات التاريخ

عوكر تحت النار.. السفارة التي اهتزت والعالم الذي ارتبك

بوابة صيدا

في صباحٍ بيروتيّ هادئ، تحوّل الحيّ الدبلوماسي في عوكر إلى ساحة حرب، حين دوّى انفجار هائل أمام مبنى السفارة الأمريكية الجديدة في 20 أيلول / سبتمبر 1984م (25 ذو الحجة 1404هـ) لم يكن الانفجار مجرد عملية تفجيرية، بل كان رسالة سياسية مدوّية، حملتها شاحنة مفخخة، لتعلن أن لبنان لم يعد مجرد ساحة نزاع داخلي، بل بات مسرحًا لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.

السفارة التي نُقلت إلى عوكر بعد تفجيرها الأول في بيروت الغربية عام 1983م، اهتزت مجددًا، ومعها اهتزت صورة الولايات المتحدة كقوة قادرة على حماية مصالحها في الشرق الأوسط. الانفجار لم يستهدف مبنىً فقط، بل استهدف رمزية النفوذ الأمريكي، وأعاد ترتيب أولويات واشنطن في لبنان، وسط تصاعد نفوذ جماعات مسلحة مدعومة من إيران، وتراجع قدرة الدولة اللبنانية على ضبط الأمن.

في تلك اللحظة، لم يكن العالم يملك إجابة واضحة: من يتحكم ببيروت؟ من يوجّه الرسائل؟ ومن يملك حق الرد؟ وهكذا، اهتزت السفارة... وارتبك العالم.

في 18 نيسان / أبريل 1983م (5 رجب 1403هـ)  دُمر المبنى الرئيسي للسفارة الأمريكية في بيروت بانفجار شاحنة مفخخة، مما أسفر عن مقتل 63 شخصاً بينهم 17 أمريكياً. كان الهجوم الذي تبنتّه "الجهاد الإسلامي" نقطة تحول كبرى.

في 23 تشرين الأول / أكتوبر 1983م (17 محرم 1404هـ) استهدف هجومان انتحاريان مقرّ قوات المارينز الأمريكية ومقر القوات الفرنسية التابعة لقوات الردع متعددة الجنسيات، مما أسفر عن مقتل 241 جندياً أمريكياً و58 جندياً فرنسياً. تبنت "الجهاد الإسلامي" الهجوم أيضاً.

أدت هذه الهجمات المتتالية إلى زيادة الضغط الداخلي في الولايات المتحدة للانسحاب من لبنان، وهو ما حدث رسمياً في شباط / فبراير 1984م، عندما أعاد الرئيس رونالد ريغان نشر مشاة البحرية (المارينز) خارج البلاد.

في تموز / يوليو 1984م نقلت الولايات المتحدة سفارتها من غرب بيروت إلى عوكر في شرق بيروت، حيث كان الأمن مستتب فيها..

في 20 أيلول / سبتمبر 1984م (25 ذو الحجة 1404هـ) قام مهاجم بقيادة شاحنة تحمل 1360 كيلوغرام من المتفجرات باتجاه السفارة الأمريكية الجديدة في عوكر، المكونة من ستة طوابق، وكانت الإجراءات الأمنية لم تكتمل بعد..

توجهت الشاحنة إلى مدخل المبنى الدبلوماسي، فأطلق حارس السفير البريطاني الذي كان متواجدا في السفارة، وحراس السفارة من الأمن اللبناني النار على السائق، ففقد السيطرة على الشاحنة، فانفجرت عند الساعة 11.44 صباحا، أمام مدخل السفارة، بعد اصطدامها بسيارة متوقفة.

أسفر الانفجار عن مقتل 23 شخصًا بالإضافة إلى منفّذ التفجير، وإصابة نحو 90 آخرين. بين القتلى أمريكيان، والباقي لبنانيون أو موظفون محليون أو مواطنون متواجدون للحصول على تأشيرات/خدمات. كذلك جُرح السفير الأمريكي ريغينالد بارثولوميو بجروح طفيفة.

أعلنت جماعة الجهاد الإسلامي اللبنانية مسؤوليتها عن الهجوم في مكالمة هاتفية بعد ساعات قليلة من الانفجار. وقال المتحدث: "هذه العملية تثبت أننا سننفذ وعدنا السابق بعدم السماح لأميركي واحد بالبقاء على الأرض اللبنانية".

من جانبها أكدت الحكومة الأمريكية في ذلك الوقت أن حزب الله نفذ الهجوم تحت اسم جماعة الجهاد الإسلامي اللبنانية بدعم من إيران، ومن ثكنة الشيخ عبد الله في بعلبك التي يديرها الحرس الوري الإيراني انطلقت الشاحنة.. 

دفعت سلسلة الهجمات، بما فيها هذا التفجير، السفارات والبعثات الدبلوماسية الأمريكية حول العالم إلى اعتماد إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، أصبحت معياراً حتى يومنا هذا، مثل إنشاء "مناطق عازلة" حول المباني لمنع اقتراب السيارات.

لاحقًا، رُفعت دعاوى قضائية ضد إيران بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية في الولايات المتحدة، و في عام 2013م، حُكم لصالح الضحايا بمنحهم 8.4 مليار دولار كتعويضات، بعد إثبات تورط إيران في دعم الجماعة المنفذة

 

ــــــــــــ

إقرأ ايضاً

القوات اللبنانية تهاجم بلدة إهدن وترتكب مجزرة

6 حزيران.. بدء الغزو الإسرائيلي للبنان..

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة