• لبنان
  • السبت, أيار 03, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 6:42:46 ص
inner-page-banner
مقالات

من "كامب ديفيد" إلى طوابير الجوع وقرقعة الأواني الفارغة....

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

الجوع هو اللاعب الأساسي اليوم في غزة.. فمشهد الأطفال المتكرر وهم يحملون الأواني الفارغة وينتظرون وجبة قد لا تأتي في طواابير الحظ استطاع تعرية الأنظمة العربية وفضح تواطئها الممنهج منذ بدايات الحرب بعد السابع من أكتوبر.

 فحين يصبح الحصار أداة تفاوض، والجوع ورقة ضغط، فإن مشهد الطوابير على لقمة الحياة يصبح بالفعل تواطئ واضح يخدم استراتيجية العدو الصهيوني.

التقارير الدولية، كبيان منظمة أوكسفام الأخير، تشير إلى واقع مرعب...معظم الأطفال في غزة يعيشون على أقل من وجبة واحدة في اليوم وبعضهم لا يجدها، و٤٢٠ ألف شخص نزحوا من أماكنهم نتيجة الغارات ونقص الغذاء. ومع ذلك، لم نسمع موقفا نرفع به رؤوسنا من أي نظام عربي، فقط صمت مريب والصمت كما يقولون علامة الرضا.

 الحدود مغلقة والمساعدات ممنوعة من الدخول والمعابر تخضع لعدو لا يرحم، تُحركه خرافات التلمود الدموية، وكأن الأطفال الذين يموتون هم ثمن مسبق لاستقرار كراسيها، وأقصد الأنظمة الصهيوعربية.

هذه الأنظمة، التي تتشدق بالسيادة، كانت أول من فرط بفلسطين، منذ لحظة توقيع اتفاقيات الذل، من كامب ديفيد إلى أوسلو، مرورا بوادي عربة وصفقات التطبيع واتفاقيات "أبراهام". كل تلك الاتفاقيات لم تكن إلا تنازلات متراكمة، أخرجت فلسطين من أولوياتها، وقدمت الأمن لدولة الشتات الغاصبة على كل ما عداه.

واليوم غزة من يدفع ثمن ذلك، ويُدفع الثمن من بطون الصغار الجائعة ودموع الأمهات اللواتي لا حيلة لهن أمام صراخهم.

ما نشهده اليوم هو امتداد مباشر لقرارات اتُخذت منذ عقود، أدت إلى قتل القضية، وإسكات الشعوب، وترويض الخطاب السياسي والإعلامي العربي. الأنظمة التي كانت تدّعي أن "القدس خط أحمر" بالنسبة لها، أصبحت اليوم علنا ترحب بمستوطني روسيا وبولونيا والمجر وغيرها من دول الشتات في منتجعاتها وفنادقها وتسوّق لاحتلالهم في إعلامها، وتشرعن وجودهم فوق الأرض التي اغتُصبت بالدم والحديد والنار.

إن أسوأ ما في هذا الواقع هو الموقف المخزي الرسمي العربي من دعم فلسطين إلى تجاهلها، ثم إلى الانخراط في تسويق الاحتلال نفسه كشريك اقتصادي وأمني.

وحتى بيانات الشجب المزيفة لم تعد تُكتب، ولم تعد المؤتمرات تُعقد حتى شكليا. أما الشعوب، فهي للأسف إما مكبّلة بالقمع، أو مغيّبة بالإعلام، أو منهكة بالبحث عن لقمة العيش، في بلدان تشبه غزة في فقرها، ولكن بلا صواريخ.

غزة اليوم عارية من الغطاء العربي. وكل من يتحدث عن التضامن دون فعل، هو شريك في الجريمة. وما يحدث هو نتيجة طبيعية لاستعمار لا زال يتحكم ببلداننا، حيث يقدّم الولاء للغرب ويقايض المبادئ بالمصالح، ودماء أهلنا في غزة تُستخدم لتبييض وجوه المطبعين التي ستبقى سوداء مهما حاولوا.

السكوت جريمة. والتبرير خيانة. وكل نظام عربي لم يتخذ موقفا حقيقيا من المجاعة في غزة خاصة والإبادة عامة، هو طرف مباشر في هذه المأساة. والتاريخ لا يرحم، وهذه اللحظة ستظل شاهدة على من ساند بالخذلان، وساهم بالصمت، وباع فلسطين مقابل ضمان كرسي أو صفقة سلاح. 

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة