حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات ـ بوابة صيدا
عندما استولى حافظ الاسد على السلطة في سوريا، كان الهدف الاساس هو اطلاق حلف الاقليات في المنطقة العربية، برعايته وادارته، خاصة في دول محيط سوريا وبالتحديد لبنان، مستفيدا من التناقضات الدولية والاقليمية، ومن اتخاذ تحرير فلسطين شعاراً فضفاضاً يعطيه المبرر المناسب للاعتقال والقتل والتعذيب والتهجير والطرد والاغتيال، بذريعة حماية مسار التحرير والقضاء على عملاء اسرائيل، في سوريا ولبنان وضمن الفصائل الفلسطينية، وحاول الهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية، فكانت الحملات الدموية ضد الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية لتكون ورقة التفاوض في يده وحده دون سواه، ولتعزيز دوره في صناعة وادارة حلف الاقليات في عالمنا العربي..
الراحل الشهيد كمال جنبلاط ومن موقعه الوطني، وحرصه على ان يكون جزءاً اساسياً وفاعلاً من الامة العربية والاسلامية، رفض الانخراط في هذا الحلف او ان يكون جزءاً منه فكان اغتياله من قبل نظام الاسد عام 1977، وعمل الاسد بعدها على ارتكاب المزيد من عمليات الاغتيال لاضعاف البنية والتركيبة اللبنانية، من خلال اغتيال المفتي الشهيد حسن خالد، وغيره من القيادات اللبنانية الوازنة والفاعلة من مختلف المجتمعات والرافضة في الوقت ذاته لهذا التحالف البغيض الذي يدمر وحدة الامة ويفتت نسيجها المتنوع وثقافاتها المتعددة، دينياً وعرقياً ومذهبياً.. كما عمل على تهجير وطرد العديد من القيادات اللبنانية بالتهديد المباشر، حتى يتم صناعة رموز وقيادات هجينة على الساحة اللبنانية تفتخر بارتباطها بنظام الاسد، لكنها لا تفهم ولا تدرك خطورة مشروعه.. على الاستقرار في الكيان اللبناني كما السوري والفلسطيني..
وتابع ابنه بشار الاسد عقب استلامه للرئاسة خلفا لوالده هذا المسار برعاية ايرانية، فكان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعدد من الرموز الوطنية سواء اعلامية او سياسية، وفشلت محاولة اغتيال مروان حمادة الذي كان يمثل موقفاً رافضا لحلف الاقليات..
لترسيخ هذا النهج والمسار وتحقيق الهدف المطلوب، كان لا بد من نشر ثقافة الفوضى والسلاح المتفلت والتنظيمات الفوضوية، تحت عنوان المقاومة، ولكنها كانت فرصة ووسيلة لتقوية مجموعات من الاقليات لتهديد الاستقرار عند الضرورة وغب الطلب، ولابقاء نظام الاسد في سوريا ضمانة الاستقرار في المنطقة، فهو يمساك بزمام الفوضى كما انه يشكل صمام امان الهدوء..
الثورة الشعبية السورية التي انطلقت عام 2011 بدون اذن او موعد مسبق او توجيه وارشاد من جهات خارجية، بل انطلقت برد فعلٍ طبيعي على ظلم وقهر واجرام استمر اكثر من 55 عاماً، انتصرت وغيرت المعادلات واعادت لسوريا وبلاد الشام وجهها الحقيقي، ولكنها في الوقت نفسه كشفت القوى المتحالفة مع مشروع حلف الاقليات والجهات المحلية والاقليمية والدولية التي دعمت ورعت هذا التوجه والمسار..
دولة سوريا اليوم تتعرض لحملة تشويه بالغة الخطورة من قوى دينية وسياسية فقدت راعيها الاسد كما تبكي خسارة مشروع حلف الاقليات في المنطقة، كما انكشف عمق مفاهيمها العدائية للامة وتاريخها وحضارتها.. ويكفي ان نستمع لبعض الكتّاب والاعلاميين والمحللين والعمداء العسكريين المتقاعدين، والكثير من السياسيين التابعين لمحور طهران في المنطقة لنفهم وندرك ان الحرب في المنطقة هي وجودية وليست سياسية، والمفردات المستخدمة هي للترويع كما للتحريض ايضاً تحت عناوين سياسية واكثرها دينية..
سقط حلف الاقليات وانهار تماماً ولكن ايتامه في لبنان لا زالوا يراهنون على اسرائيل ودورها في احياء هذا الحلف وتحقيق حلم الاسد في تفتيت المنطقة لتحقيق اطماع كما اوهام تاريخية..
لذلك يجب علينا في لبنان تعزيز الوحدة الوطنية بالعودة الى منطق الدولة واحياء عمل المؤسسات الدستورية وتجريد الميليشيات من سلاحها لانها تشكل خطراً على الاستقرار، كما يجب محاسبة ومعاقبة ومحاكمة كل من يقوم بالتحريض والتهديد في الداخل او في الخارج بما يؤسس لاثارة الفتن والصراع والانقسام في لبنان ..
من هنا علينا مراجعة ما يجري على الساحة اللبنانية لان المشهد الداخلي لا يمكن ان يستمر على هذا الشكل..
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..